عندما يعتلي الإنسان جبلًا صنعته دموع الفقراء، فإن أحلامه لا تصعد به إلى السماء، بل تقذفه إلى القاع ليذوق مرارة الظلم، ويمثل أمام عدالة الأرض المسماة “كارما”، أي خضوع البشر لقانون أخلاقي يسير بمبدأ الثواب والعقاب في الدنيا، ليحاسب كل فاعل بفعله ويجني ثمار ما زرع، دون تفريق بين الجنس واللون والدين.
من نافذة طائرة محلقة في سماء القاهرة، نظر رجل الأعمال الثري “أدهم” على عشوائيات يسكنها الفقراء، بنيت على أراضي الدولة منذ سنوات طويلة، ووسط “العشش” التي لا تعرف عن الحياة الكريمة شيئاً، تسكن أسرة قبطية أفرادها هم “مصر”، فالزوج هو “وطني” والزوجة “مدينة”، وأم الزوج “نرجس”، والابنة “كارما”.
ارتباط أحداث الفيلم بقصة أكبر رجل أعمال في الدولة، يفوز بصفقة تحويل منطقة عشوائية إلى مشروع استثماري كبير، تشابه مع حدث عاشته مصر مؤخراً، بقرار إخلاء منازل “جزيرة الوراق”، دون إنذار سابق للأهالي، وكذلك تهجير سكان “مثلث ماسبيرو”، لتنفيذ مشروع تطوير المنطقة للتناسب مع وقوعها في قلب العاصمة.
“الحب” هو السلعة التي يستهلكها الناس سواسية، ولا تشملها قرارات “الغلاء” التي تصدرها الحكومة، لكنه أصبح رفاهية لا يملكها الزوجان “وطني ومدينة”، حتى جفت العلاقة بينهما، وفي المقابل كان “الحب” مصدر أزمة “أدهم” النفسية، ونقطة الضعف التي ظهرت عندما خفق قلبه، فتمرد على احتياجه لهذا الشعور وقتل آخر أسباب تعلقه بالحياة.
“صوت الضمير” هو العدل في مجتمع الظلم خلال الأحداث، فالضرب في جسد “وطني” ضمن أحد المشاهد وإحساس “أدهم” بالألم، أشار إلى انهيار الدولة باستمرار اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء، فالوطن ملك الجميع وليس لشريحة اجتماعية أو ديانة واحدة، الله خلق الناس سواسية ولكن الظلم فرق بينهم على مدار العصور.
من الناحية الفنية، الفيلم عبارة عن خليط من الدين والسياسة في قالب إنساني، القصة والإخراج لخالد يوسف حملا بصمته المميزة، وموهبة عمرو سعد تجلت في أفضل صورها، ومجهود الأبطال زينة، غادة عبدالرازق، دلال عبدالعزيز، وفاء عامر، إيهاب فهمي، خالد الصاوي، ماجد المصري، مجدي كامل، سارة التونسي، ظهر على الشاشة طوال مدة العرض.